الاثنين، 21 أغسطس 2017

الاديب الدكتور ،، صالح العطوان الحيالي

الحرب الإعلامية
ـــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي 18-8-2017
"الحرب الإعلامية" إنها بأبسط تعريفاتها: "فن الانتصار بدون حرب"، وهي في الأغلب تسعى للسيطرة على عقل وقلب الخصم بحيث تصنع ضبابية في الفهم والتصور، إنها تقوم علي صُنع هالة أمام أعين الخصم، يعجز معها عن تقدير قوة خصمه بما يُمكِّن للطرف المستهدِف السيطرة العقلية والروحية على المستهدَف.
وللحرب الإعلامية وسائل من يمتلكها ينجح بقدر ما يوليه لهذه الحرب من أهمية، وللحق فقد استطاع الكفار السيطرة على أفهام الكثير من الناس بفضل الجهد الجبار الذي يمارسوه في حربهم الإعلامية، وما ذاك إلا لخروج المسلمون من حصنهم الذي يقيهم سهام الرامين والدرع الذي يحميهم من طعنات الطاعنين، ليلجوا في مستنقع الجاهلية والاعلام الكافر بمحض إرادتهم، فيصدقوا الكاذب ويؤمنوا الخائن " وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلَكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ "[ آل عمران 117].
تعتمد"الحرب الإعلامية" على عدة نقاط ضرورية لتكتمل دائرة السيطرة على الخصم:
*التهويل من قدرة المستهدِف والتهوين من قدرة المستهدَف.
* تبرير الحرب بالأخلاق والمبادئ، والتشكيك بأحقية الخصم بالحُكم.
*تمييع المصطلحات بحيث يُحار في فهمها( كالارهاب والتطرف)، ومن ثَم يعجز عن مواجهتها.
* الكذب في النتائج واستباق حدوثها، وكأنَّ الحرب قد انتهت والقوات قد استسلمت وفي الحقيقة أنها لم تبدأ بعد.إضفاء نوع من القداسة على رموز المستهدِف.
وللحق أيضاً فالحرب الإعلامية في مُجملها تقوم على الكذب والتضليل والخداع والتمويه، ولكنها في النظرية الإسلامية جاءت كأسمى ما تكون عليه الأطروحات، وقد اعتمدت على الحقائق والوقائع المحسوسة والملموسة، وإنْ داخلها بعض المفاهيم كـ"الحرب خدعة"، ولكنها في أضيق الحدود وللوصول إلى الحق، وهي جزء من الحرب وليس كلها مع جوازه ..
"الحرب الإعلامية" على الطريقة النبوية:
ـــــــــــــــــــــ قال العباسُ عليه السلام : يا رسولَ اللهِ، إن أبا سفيان رَجُلٌ يُحِبُّ الفخر، فاجعل له شيئاً، قال : " نَعَمْ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أبى سُفيان، فهُوَ آمِنٌ، ومَنْ أغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَه، فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ المَسْجِدَ الحَرام، فَهُوَ آمن "، وأمر العباسَ أن يَحبِسَ أبا سفيان بمضيقِ الوادي عند خَطْمِ الجبلِ حتى تَمُرَّ به جنودُ الله، فيراها، ففعل، فمرَّتِ القبائلُ على راياتها، كلما مرَّتْ به قبيلةٌ قال : يا عباسُ؛ مَنْ هذه ؟ فأقول : سُليم، قال : فيقول : مالي ولِسُليم، ثم تمرُّ به القبيلة، فيقول : يا عباسُ؛ مَنْ هؤلاء ؟ فأقول : مُزَيْنَة، فيقول : مالى ولمُزَيْنَة، حتى نَفَدَتِ القبائلُ، ما تَمُرُّ به قبيلة إلا سألني عنها، فإذا أخبرتُه بهم قال : مالي ولبنى فلان، حتى مرَّ به رسولُ الله ( ص) في كتيبتِه الخضراء، فيها المهاجرون والأنصار، لا يُرى منهم إلا الحَدَق مِن الحديد، قال : سبحان اللهِ يا عباس، مَنْ هؤلاء ؟ قال : قلتُ : هذا رسولُ الله (ص) في المهاجرين والأنصار، قال : ما لأحد بهؤلاء قِبَلٌ ولا طاقة، ثم قال : واللهِ يا أبا الفضل؛ لَقَدْ أَصْبَحَ مُلْكُ ابن أخيك الْيَوْمَ عظيماً، قال : قلتُ : يا أبا سفيان؛ إنها النُّبوة، قال : فنعم إذاً، قال : قلتُ : النَّجاء إلى قومك .وكانت رايةُ الأنصار مع سعد بن عُبادة - رضي الله عنه - ، فلما مرَّ بأبي سفيان - رضي الله عنه - ، قال له : اليوم يوم الملحمة، اليومَ تُسْتَحَلُّ الحُرْمةُ، اليَوْمَ أذَلَّ اللهُ قُرَيْشَاً .
فلما حاذى رسولُ الله ( ص) أبا سفيان، قال : يا رسول الله، ألم تسمعْ ما قال سعد ؟ قال : " وما قال ؟"، فقال : كذا وكذا، فقال عثمان وعبد الرحمن بن عَوْف : يا رسولَ الله؛ ما نأمنُ أنْ يكون له في قُريش صَوْلة، فقال رسول الله ( ص) : " بَلِ اليَوْمَ يَوْمٌ تُعَظَّمُ فيهِ الكَعْبَةُ، اليَوْمَ يَوْمٌ أَعَزَّ اللهُ فيه قُرَيْشاً " .
ومضى أبو سفيان حتى إذا جاء قُريشاً، صرخ بأعلى صوته : يا معشرَ قُريش؛ هذا محمد قد جاءكم فيما لا قِبَلَ لكم به، فمَنْ دخل دارَ أبى سفيان، فهو آمن، فقامت إليه هندُ بنتُ عتبة، فأخذت بشَاربه، فقالت : اقتلُوا الحَميت الدسم، الأحْمَشَ السَّاقين، قُبِّح مِن طَلِيعَةِ قوم، قال : ويلكم، لا تغرَّنَّكُم هذه مِن أنفسكم، فإنه قد جاءكم ما لا قِبَلَ لكم به، مَن دخل دار أبى سفيان، فهو آمن، ومَن دخل المسجد، فهو آمن، قالوا : قاتلكَ اللهُ، وما تُغنى عنا دارُك ؟ قال : ومَن أغلق عليه بابه، فهو آمن، ومَنْ دخل المسجد، فهو آمن، فتفرَّق الناسُ إلى دورهم وإلى المسجد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق