الأحد، 24 فبراير 2019

الكاتب عمر بنحيدي

قصة قصيرة.                              الشرف
  تعرفا على بعض في الحلقيات التي ينظم الطلبة بمناسبة حدث سياسي او اجتماعي وطني او قومي،يحاول كل واحد إبراز افكاره لمقارعة افكار الآخر  بالحجة والبرهان  ،كان سعيد من مناصري حرية المراة ،وقد ارعد وأزبد لما قدم طالب آخر له توجه مخالف ،استشهادات من القرآن والسنة،فاضطر سعيد إلى الإستشهاد أيضا بالقرآن ونتائج بحوث في ميادين اخرى كالانتربولوجيا وعلم النفس الإجتماعي ،مما يدل على انه واسع الإطلاع ..
  سعيد شاب حباه الله بطلاقة وفصاحة اللسان ،حين يأخذ الكلمة ألجميع يلتزم الصمت،فصوته وسط بين الجهوري والخافت،لكنه يعرف متى يرفع الصوت ومتى يخفته أيضا يستعمل في محاولة الإقناع اليدين و تعببرات الوجه والعينين.شاب وسيم ،ذو قامة منوسطة ، شعره مرتب  و  ملابسه متناسقة .
   ،أعجبت سلمى الطالبة معه في نفس الشعبةونفس السنة :"" سنة اولى تاريخ وجغرافبة "" أعجبت  بمداخلته وهناته ،فلاول مرةتسمع شخصا يتحدى الأفكار المتعارف عليها ويحللها ويقيمها  ويطرح البديل ،قارنته مع  أخيها فلاحظت فرقا كبيرا،فأخوها إسوة بابيها ينهر زوجته واحيانا يضربها ضربا مبرحا. "" الفرق بينهما كالفرق بين السماء والأ ض"" أسرت لنفسها،
     إكتشفت انه ايضا من مؤيدي المساوات بين الجنسين..كان هناك تناغم وانسجام تامين بينهما. ناقشا علاقتهما .لا اختلاف بينهما على الإطلاق .إنه شاب  طالب متحرر ،كل العادات والتقاليد القديمة ،الموروثة  بالنسبة له :"" هراء وكلام فارغ ،يجب التخلص منهاواتخاذ أجراءات البحث عن بدائل.""
هو ايضا له نفس الإعجاب بسلمى ،فهي جميلة ،ذات وجه لازال يحتفظ ببراءته الطفولية .صوتها رخيم، لما تأخذ الكلمة الكل يتابعها بإمعان . يخرجان ويدخلان الكلية معا ،إنهما لايفترقان إلا فيما نذر ،حين يقع بعض الشنآن بينهما،لكنه ،وهذا ما جعلها تتمسك به اكثر ،يتراجع في اليوم الموالي ليستسمحها حتى ولوكانت هي المخطئة في حقه. 
        تخرجا معا  وتم تعيينهما ،لحسن الحظ   في نفس المؤسسة .
      أتفقا على موعد  الخطبة !أحضر والديه ،وتمت الموافقة ، كان دور ابواهما محصورا في تزكية الإتفاق المسبق بين الشابين..
     .وجاء موعد العرس،الكل فرح وسعيد بهما ، فسلمى تكاد تطير من الفرحة ،واعتبرت نفسها محظوظة لأنها تزوجت شابا متحررا من الافكار البالية  بل ومثقف ، اما هو فلم يبد عليه أي إحساس بالتردد او الشك في أن اختياره ليس في محله .
      لكن اصداء افراد اسرته بدات تصل مسامعه،:""  إفتح عينيك يا سعيد ""  وآخر :"" إنها جد متحررة ،تضحك مع هذا ومع الاخر " وثالث:"" الا ترى لباس زوجتك؟ إنه شفاف. انظر " وووووو
      كادت دماغه تنفجر من كثرة ما يسمع ،في البداية ... نعم إنها البداية،اضطر معها إلى نهرها :"" إسمعي يا بنت الناس، إما ان تلتزمي او كل واحد منا  يسير في طريق".
إستغربت كلامه و تصرفه معها،لكنها أرجعت كل شيء للضغط الذي يتعرض له بفعل العرس .فقد رمت كل هذا وراء ظهرها ،فهي لن تتخلى عن  سعيد مهما فعل.
  واخيرا اغلق الباب عليهما ، إنها ليلة الدخلة .بل إنها ليلة (( كحلة)) كما ستسميها سلمى ،فيما بعد،  تحدثا قليلا ثم استسلما لنوم عميق،ولولا ان الفرقة الموسيقية الموجودة في السطح توقفت عن العزف ،لما استيقظا .
       ايقظها. وحاولا  لكن لاشيء ، لاشيء،يعني لا شيء حصل. فبدأ كل واحد يحملق في الآخر ،وسؤال واحد مسلط على راسيهما : كيف سنخرس هذه  الالسنة ؟  ،،:              "" حبيبي سعيد  ما رايك ان نؤجل العملية إلى الغد؟"" بدات الوساوس تنتابه :"" إلى الغد؟ واليوم ماذا نفعل؟ ام انك لست عذراء؟"" إندهشت مما قال ،لو لم تسمعه بنفسها لما صدقت مثل هذا الكلام  "" .إغرورقت عيناهابالدموع واحست خنجرا مغروزا في ظهرها  "" هذا شيء لا يصدق ابدا .فسعيد المتحرر يؤمن بهذه الترهات التي عفا عنها الزمن !!! ليس.هذا ماكان يعلن  امام الملأ في الكلية ،فكيف انقلب راسا على عقب؟ ،""
اما هو فبدات اشرطة ذكريات الماضي تمر في خاطره،فتراءت له مع الطالب الفلاني ،ثم تلك الايام التي تغيبت فيها والتي عللت غيابها بأنها كانت مريضة وذلك اليوم الذي .....وذلك اليوم الذي.....وبدات الحرارة تعلوه  ويتحول من سعيد المألوف إلى سعيد آخر مختلف ،غريب ،لاتعرفه ،اين كان يخفي هذا الوجه؟  اين ؟ بل اين سيخفي وجهه من العائلة،؟ .فهو الآن في سياق آخر غير الكلية ،إنه وسط مجتمع ،وعليه ان  يخرس الألسنة التي بدات تلوك سمعته ..كانت تلك الهواجس  تتلاطم داخله وتوتره بل تهيجه .
     انتظر الجميع خارج غرفتهما نتيجة المداولة ،لكن لاشيء، استرقوا السمع ،فبدات خيوط حقيقة ما يجري تتكشف : هناك نحيب وهناك سب وشتم  ،.
    "" أصبح ولله الحمد"" أعلن المؤذن إنبلاج يوم جديد و  انصرام المدة المحددة لاخراج الثوب الابيض مكتوب عليه بعبارات دموية لا تقبل التشكيك او التاويل:""  عذرية العروس وحفاظها على شرفها ،ورفع راس ابويها عاليا   ، أو (.الشوهة)""
   ‏"" يا لها من فضيحة !"" قالت إحدى قريبات العريس ،فردت عليها اخرى:"" لقد نبهتها ولم تنصت إلي ،قلت لهاان تشتري عذرية صينية لحفظ ماء الوجه ،ولكنها قالت إنها ليست في حاجة إلى الكذب،"" وجاء صوت امراة من المدعووين:" تزوج المسكين بواحدة منتهية الصلاحية،""
   ‏  طرقت ام سلمى غرفة العروسين،فتح سعيد وهو لازال يرعد ويزبد ،والفت ابنتها تنتحب .:"" أبنتي سلمى."" ما ان اقتربت امها حتى ارتمت في حضنها كأيام زمان لما كانت طفلة،حين تحس بالظلم ،.عانقتها امها وحاولت ان تواسيها والعريس يتابع المشهد مستغربا كيف ترضى ام على ابنتها ان تكون في مثل هذه الوضعية،:" ما هذا الذي فعلته بابنتي ؟ "" أراد ان يجيب وتلعثم :"" إنها ليست بنت،إنها بلا شرف"" واخيرا نطق الكلمة اللغز ،انسلت من لسانه ،فاجابته حماته:"" انت تتهم إبنتي اتهاما خطيرا، وانا اعرف ابنتي وواثقة منها ومن سلوكها ،اختر انت الطبيب وهو من سيحدد هل هي عزباء ام لا،وستخضع انت ايضا للفحص للتأكد من انك رجل كامل الرجولة أم  انك عبارة عن صورة جميلة فقط"".
   ‏حتى الفضوليات من اقربائه ينتظرن امام مكتب الطبيبة ،وكم  مرة إضطرت  السيدة المكلفة بتسجيل المعلومات لكل راغب في أن يفحصه الطبيب،إضطرت  إلى طلب الهدوء،ولكن صدورهم تغلي تشفيا و شوقا لمعرفة النتيجة،فمنهن من يتمنى ان تكون إيجابية ،فيفترقان وتتزوج هي بسعيد ،إنه عريس في المستوى .
   ‏  وبعد ساعة خرجت الطبيبة  متجهمة ونادت  العريس.:"" الاستاذ سعيد، هل فعلا انت هو الاستاذ سعيد؟" اجاب الآخر ،بإيماءة من راسه ،أن نعم .:"" هل عرفت مدى ما اقترفت  باتهامك لهذه المسكينة بانعدام الشرف؟  متي كان الشرف بين ساقي الفتاة؟  الشرف الحقيقي يكون هنا". وأشارت بيدها إلى الراس،  و هنا " ووضعت يدها على قلبها 'واصلت  وبصوت مشحون بالغضب لما رات سعيدا مبتسما :"" لم أكمل  كلامي بعد ,لو كانت نيتها سيئة لاشترت البكارة إنها الان تباع بسعر زهيد ،ولكنها لم تفعل ،هل عرفت لماذا ؟ لأنها طاهرة. واعطيك معلومة يا استاذ: بعض الفتيات يولد بدون بكارة أي بدون غشاء والبعض الآخر قد يفقده خلال ركوبه الحصان او الدراجة  او جراء سقوط ووو.
   والآن يجب نقل الفتاة إلى معالج نفسي ليصلح ما افسدت يا مصاص الدماء،""
انتهت ..
عمر بنحيدي     في. 23/2/2019
   ‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق