( انسانيتك هي رسالتك في الحياة )
حين كنا اطفالا في المدارس ، كنا نزهوا ونمرح ونتلق العلم ، لم يكن بيننا اي سني او شيعي او مسيحي او صابئي او درزي او علوي ، كان فقط لدينا اصدقاء ، او بالاحرى اناس ، وعندما انتقلنا الى المراحل المتقدمة تعمقت الصداقة اكثر من ذي قبل ، فقد اصبح احدنا يمد يده لجيب الاخر وياخذ مصروفه منها والمقابل يرسم ابتسامة الرضا ، ويقاسمه ماكله ويستعير ملابسه ، ويقدمها الاخر بكل رحابة صدر ، فكانت تربطهم الصداقة والالفة ، ولا أحدا من الايام سأل صاحبه الاخر انت من اي مذهب والى اي فئة تنتمي ، فقط كانوا اصدقاء ، وقد احببنا بعض زميلاتنا في الدراسة وتطورت هذه العلاقات واصبحت اسرية وزوجية ، ولا احد منا سأل الاخر الى اي المذاهب والاديان تنتمي ، فقط كان يربطهما الحب والانسانية ، والحب لاينتمي الى دين ولاينتمي الى اي عقيدة او مذهب ، فهو العشق والقبول ، وهذا ما يجعلنا بشرا ، وهذا ما يجعلنا اكثر تقربا للحياة ، ويغدو هذا اكثر دفئا .ونضجا ، وتكتسي الاحاسيس والشفقة عمقا كبيرا للبشرية ، فعلى المرء ان يكون محافظا على هذا النبل ، وان لايدخل مقومات العقل السلوكيات الغير واقعية والمنافية لفطرته الانسانية ، والهوس المرضي المدمر ويتخذ من العقول السلبية للانسانية منها السبيل للنجاة والطريق الامثل لنيل القيم الادراكية المطلوبة في الحياة ، ومن ثم يمر بمرحلة التحول القهري والمزمن من مخادعة النفس البريئة وتلويثها ، ويظل لمدة وزمن طويل للمعافات من هذا الفاصل الزمني الذي بعدك عن الانسانية ونبلها وخصائلها الحميدة ، ويكون في هذه المرحلة العقل غير مستقر وعرضة لشتى التقلبات ، وشبه مستعص على الادراك ، ومتفحصا في نفسة ومتسائل لذاته ، لماذا لم اكون انا سيد نفسي ، سيدا على فضائلي ؟ وفي ما مضى كنت انا سيد نفسي وفضائلي ؟ فهذا الانجرار للغير يجعلك الة وربما الة مدمرة لنفسك وللنفس البشرية ، وكان عليك ان تكتسب السيطرة على حجج الموافقة او الرفض ، وان تحكم تفعيلها وفقا لمراميك العليا ، كان عليك ان تتعلم ارآءك المنظوري في كل حكم تقيمي ، بما في ذلك الجهالة تجاه القيم المناقضة والخسائر الذهنية ، كان عليك ان ترفل الظلم لكل موقف واثبات كل موقف لرفضه ، فكان عليك ان ترى بالعين اين يكون الظلم وتقاومه ، وان تنظر الى الحياة كيف تطورها وتسعى لسد رمق فقرها وازدهارها بعقلك السليم ، وكيف تسعد هؤلاء البؤساء وهم الاكثر سقما في هذه الحياة ، الله خلق في قلبك نبتة الانسانية فعليك ان تسقيها بماء الفضيلة ولا تدعها جرداء وتلوثها بالرذيلة ، فكفى تفاه تقود عقلك وتجعله مذهبيا وعقائديا ، انظر الى الحياة بانسانيتك التي وهبها الله اليك وهذه هي رسالتك ، ف الله خلقك لاجل الانسانية لا لاجل ان تتمرد عليها ،
اديب داود الدراجي
الجمعة، 31 أغسطس 2018
الأديب اديب داود الدراجي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق