الأحد، 26 مايو 2019

الاديب جمال إبراهيم

رواية – جحيم امرأة
الفصل الرابع
نظر أيمن إليهما قائلاً : ألف مبروك ، نظرت عبير إلى سارة وأسرت لها بصوت منخفض دعك من أيمن ، ثم أجلستها بجوارها قائلة لها بصوت مرتفع : لابد أن أكون معك في هذا اليوم ، ثم قامت بسؤالها من الذي جاء لكم بهذا العريس ؟ وهل تعرفوا عنه شيء ؟ فأجابت سارة لم نعرف عنه شيء فقالت عبير : لابد من التأكد منه ومن أخلاقة ، ولابد أن يسأله خالك أحمد هل عنده شقة تمليك أم إيجار ؟ وهل عنده سيارة من عدمه ؟ وكم راتبه ؟ ولابد من أخذ بطاقته من أجل السؤال عنه ، نظرت سارة في تلك اللحظة لعبير قائلة : وكيف يتم ذلك ؟  فأجابت عبير قائلة : سأكون معك في هذا اليوم وستقومين بتقديم العصير والجلوس معهم وفي تلك الفترة سيتحدث العريس مقدماً نفسه وسيقوم خالك بسؤاله عما يريد أن يعرفه ، في هذا التوقيت سيخرج العريس بطاقته الشخصية لخالك وأن لم يخرجها يطلب منه خالك ذلك للإطلاع عليها ، وهى في يد خالك اطلبي أن تطلعي عليها ، في تلك اللحظة سأكون أنا بالخارج وعندما أراكِ قد أخذتي البطاقة في يدك سأقوم بالنداء عليك فتخرجي والبطاقة بيدك  وسوف أقوم بأخذها والنزول للمكتبة التي تحت منزلكم وأقوم بتصويرها ثم الرجوع سريعاً ، لن تستغرق عملية ذهابي وعودتي سوى خمس دقائق ، وعند رجوعي أجدك في المطبخ فتأخذي البطاقة مني وتحملي سنيه الشاي وقطع الكيك وتقومي بالدخول مرةً أخرى ، ثم تقومي بإعطاء البطاقة لخالك ويقوم هو بإعطائها للعريس ، كان أيمن ينظر لعبير باهتمام واضعاً يده على خده ، ومر اليومين وجاء موعد قدوم العريس وذهبت عبير إلى سارة وجلست معها في حجرتها وقامت بتزينها ووضع الكحل لها وما هي إلا لحظات حتى وصل العريس ووالده وأخته وأمه فاستقبلهم أحمد وفاتن وجلس الجميع في الصالون ، كانت سارة وعبير لازالَ في حجرة سارة وعندما شعرت سارة بقدوم العريس أصابها الارتباك والخجل فأخرجتها عبير وقامت بإعطائها العصير من أجل أن  تقدمه ، دخلت سارة على العريس ناظرة إلى أسفل يشوب وجهها الخجل وعندما رفعت رأسها كانت المفاجئة مدوية إنه أيمن ، كادت العصائر أن تقع على الأرض ، فضحك الجميع فعلمت سارة إنها مفاجئة قام بالترتيب لها أيمن بالاشتراك مع خالها أحمد وفاتن ، كانت عبير بالخارج تسترق السمع فعلمت بالمفاجئة فدخلت عليهم وألقت السلام وجلست ، لقد انساق الغمام من بين شفتيها فأصبح عطراً ، شعرت بحالها عبير الجالسة بجوارها ، نظر إليهما أيمن ضاحكاً ثم أردف قائلاً : لقد أحضرت معي صورة للبطاقة الشخصية من أجل أن أوفر على عبير نزولها ، في تلك اللحظة نظرت سارة وعبير كل منهما للأخرى ، ثم قام أيمن وولده بالاتفاق مع خالها أحمد على كل شيء ،  وتم قراءة الفاتحة في جو عائلي تحفه البهجة والسرور ، وبعد يومين ذهبت سارة وخالها أحمد وفاتن وشاهدوا الشقة ، كانت الشقة تحتاج بعض التشطيبات ولكنها نالت إعجابهم جميعاً ، ومرت ثلاث شهور تم خلالهم زيارات متبادلة بين الأسرتين ، وفي مكتب المحاماة تم نقل مكتب سارة بجوار مكتب أيمن ، كانت عبير تنظر إلى سارة قائلة : أنني أتخيل هيئتك بعد الزواج ثم تقوم بوصفه بشكل مثير للضحك ، في تلك الفترة جاء شادي إلى سارة في المكتب من أجل المطالبة بميراث عمته هانم من مصطفى والد سارة ، نظرت إليه سارة قائلة : والدي كتب الدار باسمي بيع وشراء قبل زواجه من هانم بشهر ، لم يقتنع شادي وقام بتهديدها بالذهاب إلى المحكمة ، وبعد انصرافه قامت سارة بذكر موضوع زواج والدها من هانم لأيمن ، من أول زواجه بهانم حتى وفاة هانم ، وذكرت له الأشياء التي كانت تظهر لها بدايةً بما كانت تراه وهى في بيت والدها قبل قدومها إلى القاهرة ونهايةً بما رأته في رحلتها الأخيرة للعين الساخنة ، هنا استوقفها أيمن قائلاً : يدور في ذهني تساؤلات ؟ لماذا سقطت هانم في الترعة بعد انتشار خبر حملها رغم مرورها فوق الجسر سنين طويلة ولم يصبها مكروه ، ثم أردف قائلاً : المرأة الحامل تكون أكثر حرصاً في السير من غيرها ، ثم نظر نحو سارة قائلاً : تعلمين أن شادي المستفيد هو ووالده علاء من موتها وموت جنينها ، ثم استرسل في حديثه قائلاً : عندي أحساس قوي أن وراء موت هانم جريمة ، نظرت إليه سارة قائلة : كانت هانم تدون ما تقوم بعمله حتى ما يحدث لها وتصادفه في طريقها للمتجر ذهاب وعودة ، ثم أردفت قائلة : دخلتُ ذات يوم إلى المطبخ فوجدت كراسة كانت هانم تركتها سهواً وذهبت لحجرة والدي ، فأخذني الفضول أن أعرف ما بداخلها فقمت بفتحها فوجدت بعض الفواتير ولكن ما أثار انتباهي إنها كانت تكتب ما قامت بفعله أثناء ذهابها ورجوعها حتى الأشياء التي صادفتها في الطريق كانت تدونها مرفقة بالتاريخ فضحكت وذهبت إليها وقمت بإعطائها الكراسة ، فقال أيمن : أين توجد هذه الكراسة الآن ، نظرت سارة إليه قائلة : أكيد في حجرة والدي ، فقال أيمن : أرسلي خالك أحمد يحضرها لنعلم ماذا دونت في أخر ثلاث أيام من عمرها ، ربما ذكرت شيء يعزز الشكوك القوية التي تنتابني ، فقامت سارة بتكليف خالها أحمد بهذه المهمة وبعد الحصول على الكراسة والإطلاع عليها علموا أن فرج العبيط حاول الاقتراب من هانم وقامت بنهره ثلاث مرات وذلك قبل وفاتها مباشرةً مما عزز شكوك أيمن فجعله يطلب من سارة بتقديم بلاغ بشكوكها ، ولكن سارة كانت مترددة ، ولكن أيمن ظل يضغط عليها من أجل تقديم البلاغ قائلاً لها : والأشياء التي تشاهديها وجه هانم ويد تخنقها وكذلك رجليها والخلخال ، ولا تراودك هذه التخيلات إلا إذا كنت تعلمين بعقلك الباطن أن هانم ماتت مقتولة ، ثم أردف قائلاً : لو وجد صور لها وقت إخراجها من الترعة لتأكدتِ من ظنوني ، نظرت سارة إلى أيمن وأردفت قائلة : يوجد شاب في القرية اسمه أدم لم تمر حادثة في القرية إلا وقام بتصويرها إنه هاوي تصور وتوثيق الأحداث التي تمر بالقرية ، لو استطعت الحصول منه على صور لهانم أثناء انتشالها من الترعة سيفيدنا في الحكم على وجود شق جنائي من عدمه ، ثم قاما أيمن وسارة بوضع خطة من أجل الوصول لأدم والحصول على الصور ، وذهب أيمن إلى البلد وقابل أدم وحصل منه على الصور ورجع لسارة ، نظرت سارة إلى الصور فشد انتباهها صورة تظهر فيها قدم هانم لم يكن في قدمها سوى خلخال واحد ، نفس الصورة التي كانت تظهر لها ، هنا تيقنت سارة بأن وراء موت هانم جريمة والفاعل هو المستفيد من موتها ، فكانت أصابع الاتهام تشير إلى شادي ربما دفع فرج العبيط بدفعها في الترعة ، في تلك اللحظة كانت سارة عازمة على تقديم بلاغ ، نظرت إلى أيمن ثم أردفت قائلة : غداً صباحاً سأذهب وأقوم بتقديم البلاغ ، قامت سارة بالتقدم للنيابة العامة ببلاغ بشكوكها في مقتل هانم وقدمت أدلة شكوكها وكان من ضمنها الكراسة التي كانت هانم تسجل فيها كل ما قامت بعمله في يومها ، اطلعت النيابة على الشكوى وبناءاً عليها أصدرت أمراً بإخراج جثة هانم وتشريحها ، قام فريق متخصص بإخراج الجثة ونقلها من أجل أن يقول الطب الشرعي كلمته ، وبعد الانتهاء من التشريح جاء التقرير ليؤكد أن هانم ماتت مخنوقة وأثبت التقرير بوجود كسر بعنق الرقبة  مما يؤكد خنقها وموتها هي وجنينها قبل أن تلقى في الترعة ، أمرت النيابة بعمل التحريات اللازمة والقبض على من تدور حوله الشبهات وكان وفق التحريات الأولية التي أعقبت تقديم الشكوى يوجد شخص تدور حوله الشبهات وهو المدعو فرج وبعد القبض عليه وتضيق الخناق حوله اعترف بأن الحاج حسان هو الذي طلب منه أن يقوم بضرب هانم على ظهرها ويوقعها أرضاً ، قام وكيل النيابة بفتح محضر لاستجوابه ، أسمك وسنك وعنوانك ، نظر إليه فرج قائلاً : أسمي فرج أهل القرية ينادوني بفرج العبيط سني لا أعلمه وساكن في القرية ، طلب وكيل النيابة من فرج أن يقول كل شيء ولا يخف ، بدأ فرج يقص ما حدث ، طلب مني الحاج حسان أن أضرب هانم على ظهرها بقوة وأطرحها أرضاً ، قلت له لماذا ؟ فقال : لأنها لم تسمع كلامي ، وإذا فعلت ذلك سأقوم بإطعامك كل يوم ، كنت دائماً أسير خلفها ولكنها كانت تراني وتنهرني فأذهب لحال سبيلي ، وفي هذا اليوم سرت خلفها ولم تراني وعندما وصلت فوق الجسر قمت بالجري خلفها وضربها على ظهرها بقوة فصرخت ووقعت على الجسر ، نظر إليه وكيل النيابة ثم أردف قائلاً : وعندما صرخت لم يراك أحد ؟ أجاب فرج : لا ، لم يراني أحد الجسر بعيد عن المنازل ودرجة الحرارة كانت عالية ولم يكن أحد في الشارع ، ثم استرسل فرج قائلاً : ثم ذهبت للحاج حسان في دارة من أجل أن أخبره بما فعلت ، هنا استوقفه وكيل النيابة قائلاً له : ذهبت من أي طريق ؟ فأجاب من الطريق الذي خلف المنازل بين الزراعات حتى أصل سريعاً ورجعت من الطرق الأخر ، نظر إليه وكيل النيابة قائلاً : بعد سقوط هانم قمت بإلقائها في الترعة ؟  نظر إليه فرج قائلاً : لا ، لم ألقيها في الترعة ، قال له وكيل النيابة : تذكر جيداً ألم تقوم بخنقها ؟  قال فرج : لا ، لم أقوم بخنقها بل ذهبت إلى الحاج حسان كما ذكرت ، أخبره  بأني فعلت ما طلبه مني ، وخرجت من عنده وذهبت إلى الجسر وكنت خائفاً من هانم ، كنت أسير ببطيء شديد وعند وصولي فوق الجسر لم أجد هانم وأنا على الجسر نظرت إلى الترعة وجدت هانم غارقة فقمت بالصراخ قائلاً : هانم غرقت ، وعندما نظرتُ خلفي وجدت شادي قادماً فخلع ثيابه ونزل الترعة ليخرجها ، ووجدت أهل القرية حولي وأنا أقول وأردد هانم وقعت في الترعة ثم صمت فرج ، نظر إليه وكيل النيابة قائلاً : وما الذي دفعك للرجوع ؟ أجاب فرج أردتُ أن أعرف ماذا حدث لها ، نظر إليه وكيل النيابة قائلاً : عندك أقوال أخرى ؟  فقال فرج : لا  ، فقال وكيل النيابة : قد أقفل المحضر في تاريخه وساعته وقام فرج بالبصم على المحضر ، وبعد الانتهاء من التحقيق أصدر وكيل النيابة الأمر التالي ، أمرنا نحن وكيل النيابة سامح المحمدي بتحويل فرج الشهير بفرج العبيط لمستشفى الأمراض العقلية لتحديد مدى مسئوليته عن الجريمة المسندة إليه وأمرنا بالقبض على الأتي أسماءهم الحاج حسان أبو حجر والد القتيلة وأخوها علاء حسان وأبن أخوها شادي علاء وإحضارهم إلى سرايا النيابة ، ثم قام فريق البحث الجنائي بأخذ فرج والذهاب إلى مكان الجريمة فوق الجسر ليقوم بتمثيل مشهد الجريمة
بقلم / جمال إبراهيم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق