قصيدتي (دار أحبابي):
الدكتور حسن كمال محمد محمد
إضاءة: ديار الأحباب وأطلالهم مواطن ذكرى ومرابع متع ذهبت؛ لذا فتذكرها أو الوقوف بها يستدعي في المخيلة سيولًا من الذكريات الهانئة وطيوفًا من السعادات الماضية؛ لذلك افتتح بها الشعراء القدامى قصائدهم في بكائيات مشجية ووقفات مبكية:
أَلَا يَا دَارَ أَحْبابِي سَلَامُ***
سَقَاكِ الوُدُّ ظَلَّلَكِ الْوِئَامُ
وَمِنْ فَضْلٍ جُزِيتِ بِكُلِّ خَيْرٍ***
يَدُومُ عَلَى الزَّمَانِ وَلَا يُضَامُ
وَنِلْتِ مِنَ الهَناءِ حُظُوظَ وَفْرٍ***
وَأُعْطِيتِ الصَّفاءَ ولَا تُرَامُ
غَنِينَا فِي مَغانِيكِ الْعِذابِ***
فَأَنْتِ الْكَوْنُ وَالْمِنَنُ الْعِظَامُ
نَهِلْنَا فِي رُبُوعِكِ حُلْوَ وَصْلٍ***
يُلَاقِينَا الحَبِيبُ الْـمُسْتَهَامُ
فَذَلَّ لَنَا عَسِيرٌ بَعْدَ لَأْيٍ***
فَلَا كَدَرٌ يُنَغِّصُ أَوْ زِحَامُ
أَغَارِيدُ الْوِدَادِ لَنَا طَعَامٌ***
وَأَحْلَافُ الْوَفَاءِ لَنَا مُدَامُ
فَهَذَا الطَّيْرُ يَشْدُو لَـحْنَ صَبٍّ***
تَجَاوَبَ كَالْـجَوادِ وَلَا لِجامُ
وَذَاكَ النَّبْعُ بِالْإِسْعَادِ يَهْمِي***
وَأَجْوَاءُ الْـمَكَانِ لَها انْسِجَامُ
فَلَا نَنْسَاكِ رَغْمَ الْبَيْنِ يَوْمًا***
يُعَاوِدُنَا التَّشَوُّقُ وَالْـهُيَامُ
فَمَا مِنْ مُنْيَةٍ إِلَّا تَدَانَتْ***
مُذَلَّلَةً وَكَانَ لَهَا زِمَامُ
وَذِكْرُكِ فِي حَنَايَا الْقَلْبِ زَاكٍ***
فَلَا نَأْيٌ يُغَيِّرُ أَوْ حِمَامُ
وَإِنْ غَرَبَتْ شُمُوسٌ بَعْدَ وَهْجٍ***
فَشَمْسُكِ لَا يُغَيِّبُهَا ظَلَامُ
عَلَى عَهْدِ الْـمَوَدَّةِ مَا حَيِينَا***
فَبَدْءُ الْعُمْرِ يُشْبِهُهُ الْخِتَامُ
فَبَدْءٌ فِي حِفَاظٍ كُلَّ آنٍ***
وَخَتْمُ الشَّوْطِ يَصْحَبُهُ الذِّمَامُ
أَيَا دَارًا سَقَيْتِ الْـحُبَّ شَهْدًا***
فَأَيْنَعَ مَا يُزَايِلُهُ ابْتِسَامُ
وَأَسْكَرَ بِالْغَرَامِ حَلِيفَ وُدٍّ***
بِخَمْرٍ مَا تُمَاثِلُهَا كِرَامُ
فَخَمْرُ الْـحُبِّ فِي حِلٍّ حَلَالٌ***
تَعَاطَوْهَا وَقَدْ صَلُّوا وَصَامُوا
فَلَا تَأْبَهْ بِمَنْ قَالُوا: حَرَامٌ***
وَدَعْ زَعْمًا لِمَنْ عَذَلُوا وَلَامُوا
فَبِالْـحُبِّ الشَّرِيفِ زَكَتْ نُفُوسٌ***
وَأُخْرَى قَدْ نَأَتْ عَنْها السِّقامُ
...................................................................................
....................................................................................
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق